سورة المجادلة - تفسير تيسير التفسير

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (المجادلة)


        


ألم تر: أخبِرني، وهو اسلوب من الكلام يراد به التعجب واظهار الغرابة للمخاطب. الذين تولوا قوما إلخ...: هم المنافقون واليهود. قوما غضب الله عليهم: هم اليهود. ما هم منكم ولا منهم: لأنهم مذبذبون. ويحلفون على الكذب: يعني يحلفون بأنهم معكم وهم كاذبون. جُنة: بضم الجيم، وقاية وسترا. استحوذ عليهم الشيطان: استولى عليهم.
هذه الآيات الخمسُ في المنافقين وأخبارهم، وكذِبِهم على الله ورسوله صلى الله عليه وسلم. وسيأتي بعدَ أربَعِ سورٍ سورةٌ خاصة بالمنافقين.
ألم تر أيها الرسول إلى هؤلاء المنافقين الذين اتخذوا اليهودَ المغضوبَ عليهم أولياءَ يناصحونهم وينقولن إليهم أسرار المؤمنين! إنهم ليسوا من المؤمنين إلا في الظاهر، كما أنهم ليسوا من اليهود، {مُّذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذلك لاَ إلى هؤلاء} [النساء: 143].
ثم بين الله تعالى أنهم يَحلِفون الأيمان الكاذبة ليُظهروا أنهم مسلمون، ويَشهدوا ان محمدا رسولُ الله، والله يشهدُ إنهم كاذبون. لقد أعدّ الله لهؤلاء المنافقين عذاباً شديداً في الدنيا، وأشدّ منه في الآخرة، وذلك على أعمالهم السيّئة وأقوالهم الزائفة وعدم ثباتهم على شيء.
{اتخذوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ الله فَلَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ}.
لقد أظهروا الإيمان وأبطنوا الكفر، وتستّروا بالأيمان الكاذبة فجعلوها وقايةً لأنفسهم من القتل. وبها انخدع كثيرٌ من المؤمنين ممن لا يعرِف حقيقةَ أمرِهم، وبهذه الوسيلة صلُّوا كثيراً من الناس عن سبيلِ الله، فلهم عذابٌ شديد الإهانة يوم القيامة.
ثم بين الله تعالى أن كلَّ ما عندَهم من أموالٍ واولاد لا يُغنيهم شيئا، ولا يدفع عنهم العذابَ الذي أُعِدَّ لهم.
{أولئك أَصْحَابُ النار هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}.
اذكر لقومكَ أيها الرسولُ حالَهم يومَ يبعثُهم الله جميعا من قبورهم فيحلِفون له أنهم ما كانوا مشرِكين كما كانوا يحلِفون لكم في الدنيا، ويظنون انهم بِقَسَمِهِم هذا ينجون من عذابِ الله.
{أَلاَ إِنَّهُمْ هُمُ الكاذبون} فيما يحلفون عليه، كما جاء في قوله تعالى: {ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ والله رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ} [الأنعام: 23].
ثم بين الله السببَ الذي أوقعَهم في الضلال، وهو أن الشيطان استولى عليهم فغلَبَتْ أهواؤهم وتَبِعوا شهواتِهِم.
{فَأَنسَاهُمْ ذِكْرَ الله} الشيطانُ الذي أغواهم. وأولئك هم جنودُ الشيطان وحِزبُه. {أَلاَ إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الخَاسِرُونَ}؟


يحادّون: يعادون، يخالفونه فيما أمر ونهى. في الأذلّين: في أذلّ من خلَقَ الله. كَتَبَ اللهُ: قضى وحكم. أيّدهم: قواهم ودعمهم. بروح منه: بنور وعزم من عنده. يوادّون: يتقربون إليهم بالمودة والمحبة.
ان الّذين يخالفون أَوامر الله ونواهيَه، ولا يطيعون الرسول فيما شَرَعَ وبيّن- هم في عِداد الّذين بلغوا الغايةَ في الذِلّة والهوان.. بالقتلِ والأسرِ والهزيمة في الدنيا، وبالخِزي والنَّكالِ والعذاب في الآخرة.
وقد قضى الله وحَكَمَ في أُمّ الكِتابِ بأن الغَلَبةَ والنصر له ولرسُله، وقد صَدَق في ذلك.
{إِنَّ الله قَوِيٌّ عَزِيزٌ}. متى أراد شيئاً كانَ، ولم يجدْ معارِضاً ولا ممانعاً على شرط ان يكون المؤمنون صادقين في إيمانهم يعملون بِجدّ وإخلاص، ويتّخذون لكلِّ شيء عدَّتَه.
ثم بين تعالى ان الإيمانَ الحقّ لا يجتمع مع موالاة أعداء الله، ممهما قرُبَ بهم النسبُ ولو كانوا آباءً أو أبناءً أو إخواناً أو من العشيرة القريبة. وهذا معنى قوله تعالى: {لاَّ تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بالله واليوم الآخر يُوَآدُّونَ مَنْ حَآدَّ الله....}
لا تجدُ قوما يجمعون بين الإيمان باللهِ ورسولهِ واليوم الآخر، ومَودَّةِ أعدائه مهما كانت قرابتُهم.
{أولئك كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإيمان وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِّنْهُ}.
فهؤلاء الذين يُخلِصون لله ولا يوالون الجاحدين الذين يحادُّون الله ثَبَّتَ اللهُ في قلوبهم الإيمانَ وأيَّدهم بقوّة منه، ويُدخِلهم جناتٍ تجري من تحتها الأنهارُ خالدين فيها لا ينقطع نعيمها، قد أحبَّهم اللهُ وأحبّوه ورضيَ عنهم ورضُوا عنه.
{أولئك حِزْبُ الله أَلاَ إِنَّ حِزْبَ الله هُمُ المفلحون}.
لأنهم أهل السعادة والفلاح والنصر في الدنيا والآخِرة ونِعْمَتِ الخاتمة.

1 | 2